* نص الاستشارة:
فضيلة الشيخ أحس بالضيق والاكتئاب، وأنا ممن يعكوفون على الفيسبوك، ولا أخفيك أنني أطلق النظر في تتبع الصور الفاضحة، مع أنني من الملتزمين؟
¤ الــــرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
أعظم نعمة يهبها الله لعبده هي أن يرزقه الإيمان والإستقامة على طريقه، وفي المقابل فالقاعدة الربانية تقول: {لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [ابراهيم:٧] فنحن جميعاً أمام نعم الله واحد من إثنين شاكر وكافر، فالشاكر يبشر بالزيادة إلى ما شاء الله، والكافر يبشر بالعذاب الشديد الذي لا يعلمه إلا الله.
وأنت تتقلب بنعم من الله لا يمكن أن تحصيها، فلابد مع هذه النعم من شكر لله، وأظنك سائر على طريق الشكر، بدليل التزامك وحرصك على الخير، بقي أن تدرك أن الشيطان لن يتركك فمعركته معك لم تنته بعد، فهو سيسعى جاهداً إلى إيقاعك في حباله خطوة ثم خطوة أخرى وهكذا كما أعلنها على جميع البشرية: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص:٨٢] أسأل الله أن نكون من المخلصين، فينبغي لكل عاقل أن يدرك تلك الحقيقة، ويتعامل معها بحزم، فلا يعطي فرصة للشيطان لهزيمته أو السيطرة عليه، وإن أخفق أحياناً فليعلم أن باب الرب مفتوح، فليقبل على الله وليعلن توبته ويعاود الكرة بروح معنوية أفضل، ورغبة أشد في تعويض ما مضى.
ولعل ما يعتريك من قلق وإكتئاب هو بسب ما تعيشه من صراع داخلي بين ما أنت مقتنع به وتلتزم به من مبادئ وقيم، وبين شهواتك الإنسانية التي وضعها الخالق في بني البشر، ثم إن وقعت في معصية لمت نفسك كثيرا، وتأتيك صورة النهاية لكل إنسان وما يتبعها من أهوال وأحوال، فينقبض قلبك خوفاً من الله، وأيضاً يدور في نفسك كيف لمثلي الملتزم بالدين أن يقع في هذه المعاصي، وكيف تجرأت على معصية الله مع ما أعطاني الله من علم، وقد يصل بك التفكير أحياناً إلى درجة التفكير في التخلي عن الالتزام لأنك لست أهلاً له!!.
إن ما تعانيه من صراعات وتفكير هو أمر طبيعي يحصل للكثير من المؤمنين، وهذا لا يعني الإستسلام للمعصية والقبول بها، لا بل على العكس يوضح لك حقيقة نفسك، أنها قابلة للخير والشر.
أما ما ينبغي عليك فعله فهو:
1) المبادرة بالتوبة النصوح كلما وقعت في المعصية حتى لو تكررت، فكرر التوبة وإجتهد في تحقيق التوبة النصوح، وتذكر قول إبليس -أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكوني بالإستغفار- وكن على يقين من قدرتك بإذن الله على الإنتصار ولو طال الوقت.
2) إذا كان الدخول للإنترنت ينتج عنه الوقوع في المعصية فلا تدخل، أو ضع وسائل تعينك -بعد الله- على تجنب المعاصي، مثل تحديد الهدف من الدخول والإقتصار عليه، ووضع الجهاز في مكان مفتوح في البيت -الصالة مثلاً- وإختيار وقتا يكون فيه الجميع في المنزل بحيث يتوقع دخول أي منهم في أي وقت.
3) إحرص على إستغلال وقتك بالنافع والمفيد، ولا تعط الفراغ فرصة للسيطرة على وقتك، بل تحكم أنت بالوقت، وبمعنى آخر ضع لنفسك أهدافاً سامية تسعى لتحقيقها في حياتك ثم إجتهد في تحقيقها، وحبذا أن تكون لك مشاركات دعوية مع هيئات أو لجان أو مؤسسات خيرية تتناسب مع قدراتك ومواهبك.
4) كلما وقعت في معصية بادر إلى عمل طاعة مقابلة لها، وزد عليها بطاعة أخرى -بعد التوبة- وإن لم تجد طاعة مقابلة فإستحدث لك طاعة مثل الصلاة بعد التوبة، أو قراءة ورد من القرآن أو صلة رحم.
5) كن قريباً من الله بقدر ما تستطيع، وذلك من خلال الأعمال القلبية مثل المراقبة والخوف والرجاء، وكذلك أعمال الجوارح من حسن الكلام وكثرة السجود لله، وإحرص على الزيادة في هذا الجانب -القرب من الله-، ولا ترض بالثبات عليه فضلاً عن تقليله، وإسمح لي أن أهمس في أذنك بأن يكون لك عمل صالح لا يعلمه إلا الله ثم أنت، وإجتهد في الإخلاص فيه، فلعله يكون سبباً في إستجابة دعائك كما حصل مع أصحاب الغار.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل...
المصدر: موقع رسالة الإسلام.